أخبار وتقارير

بين الرئيسين والشيخين فجوة گبيرة

المستقلة خاص ليمنات

في خطاب جماهيري للرئيس الحمدي عام 1977م قال: لا تنسوا اننا طيلة الفترة السابقة ونحن والمشائخ في حالة شد وجذب للقبائل الذي معهم وقد اتخذنا طرق وأساليب متعددة منها تقديم المساعدات للمناطق مدارس وآبار وشدهم للتعاونيات لإبعادهم عن أسلوب الحرب وتغيير عقلية الأطفال والشباب الذين ما زالوا في المدارس وحتماً لا يمكن أن يكونوا مثل هؤلاء..

وأكد الحمدي عن وضع المشائخ في تلك المرحلة قائلاً: لا تفتكروا أنهم كانوا مبسوطين في هذه الفترة بل كانوا يعانوا من قلق نفسي وقلق داخلي ويشعرون بعزلة قاتلة مهما أثاروا من زوابع..

ما دعاني لنقل هذه المقتطفات من خطاب الحمدي هو بيان الشيخ حميد الأحمر الذي أصدره عشية إنعقاد مؤتمر الحوار وأوضح فيه أن سبب مشاركته في الحوار أن الرئيس هادي لم يستجب لمطالبه وأنه قدم له مطالب، كما قدم له النصائح سابقاً لكن الرئيس لم يعمل بها.

وفي هذا إشارة واضحة إلى أن حميد يريد أن تبقى سلطة الرئاسة رهن اشارته وتعمل وفقاً لتوجيهاته كما كان الحال في عهد علي عبدالله صالح وهو العهد الذي توافقت فيه القوى القبلية والمشيخية مع دار الرئاسة بعد أن كان الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر وغيره من مشائخ حاشد وبكيل في حالة إنفصال مع الرئيس الحمدي الذي أوقف كل امتيازاتهم وقال بصريح العبارة متى ما أقتضت الظروف وبلغت الأمور حد لا يمكن السكوت عليه فإننا لا بد وأن نحسم الموقف بصلابة ولكن في نفس الوقت نحدد الشخص الذي نستهدفه لأنُعم كل الناس.

وهنا أجد نفسي اتساءل ماذا سيفعل الرئيس هادي أمام تحدي حميد الأحمر الذي كان يرى أنه إذا خرج صالح وعائلته عن اللعبة فإن الانقضاض على الكرسي سيغدو أمراً سهلاً ويسيراً بالنسبة إليه..

لكنه بعد تسلم هادي السلطة، ومن ثم انتخابه رئيساً توافقياً، استطاع أن يحرر القرار الرئاسي إلى حد ما، وليس تحريره كلياً، ورغم استجابته للكثير من مطالب القوى النافذة ومنهم الشيخ حميد، وتعيين كبار المسؤولين وقادة الألوية العسكرية من المحسوبين عليهم، إلا أن حميد بدأ وكأنه وجد نفسه الأقل استفادة قياساً مع طموحاته السياسية في الاستفراد بالسلطة، وجاء إعلان حميد الأحمر رفضه المشاركة في مؤتمر الحوار، وتوجيهه انتقادات حادة لآلية المؤتمر، متهماً هادي الذي وضع هذه الآلية، بأنه يتعمد الاخلال بالتوازن والتحكم في مخرجات الحوار، بينما يقول مراقبون أن الشيخ وجد هيكلة المؤتمر وعضويته وآلية قراراته، لن تؤدي إلى تحقيق الأهداف التي يسعى لتحقيقها، فهو يرى أن الثورة التي تسلق عليها أصبحت ثورته، وأنه الوريث الشرعي لعلي عبدالله صالح في السلطة بطريقةٍ أو بأخرى..

هذه التطورات وما تحمله من تداعيات على الساحة السياسية دفعت حميد- فيما يبدو- إلى تمثيل دور المعارض، كما فعل والده الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر مع الحمدي حيث ذكر الشيخ عبدالله في مذكراته قائلاً: عندما أعلن بيان بتغيير بيت أبو لحوم من قيادة الجيش يوم 27 نيسان (إبريل) 1975م، عارضت ذلك وهذا اليوم أصبح اسمه يوم الجيش، الذي سماه الحمدي، واعتبر عيداً يحتفل به كل عام، وحينما جاءت لي الأخبار وأنا في مجلس الشوري قمت من القاعة إلي مكتبي واتصلت بالحمدي تلفونياً وجرت بيني وبينه مشادة قوية، وبعدها أقصي العميد مجاهد أبو شوارب من منصبه القيادي العسكري وكان في الصين وعاد من الصين ونزل في مطار جده، ثم اتجه براً إلي حجة مركز المحافظة حيث كان أيضاً محافظاً لها، وقام بترتيب الأمور في حجة ثم اتجه إلي خمر واشتد الخلاف مع إبراهيم، ولم أعد أطمئن له وتذكرت ما كان يبلغني به مجاهد وبيت أبو لحوم من قبل أنهم اكتشفوا أن هذا الرجل خطير، فخرجت إلي خمر بعد خروج مجاهد بحوالي شهرين تقريباً أو أقل.

ونفس الشيء الآن يتكرر مع حميد فربما رأى أن الحوار قد يخرج بنتائج تضر بمصالحه فبدأ بالممعارضة.

هادي الآن لديه قوة أكبر من قوة الحمدي وتكمن قوة هادي في هذا الأجماع المعمد بمساندة الأمم المتحدة والسفارة الأمريكية وحلفائها، وهذا الأمر يمثل صداعاً مؤلماً لكلٍ من حميد وصالح وحلفائهما، لذا فهما يبحثان معاً عن أي طريقة تضعف هادي وتحد من صلاحياته، ولم يعد أمامهما سوى الضغط على هادي ومحاولة تهديده بإفشال الحوار، على الأقل لإستعادة المكاسب التي تعيد الاعتبار لطموحاته في أن يكون الرجل الأول في طول البلاد وعرضها بلا منافس عكس والده الذي كان دائماً يريد أن يكون خلف الرجل الأول.

زر الذهاب إلى الأعلى